إشرح ماذا تعني بقولك :
ليست البورصة أرقامًا تتصاعد وتهبط على شاشة،
بل
مرآةٌ كبرى تعكس طبيعة الإنسان حين يواجه المجهول.
هي ساحةٌ يتجلّى فيها خوفه وطمعه، صبره وعجَلته، حكمته واندفاعه،
في دورةٍ لا تهدأ، كأنها اختصارٌ لحركة الحياة ذاتها.
================================
بالطبع —

المرآة التي تُظهر ما لا تريد أن تراه
ليست البورصة مكانًا تتزاحم فيه الأسهم والأوامر فقط…
إنها مرآة كبرى،
تعكس لك
أنت قبل أن تعكس حركة السهم.
عيناك تراقبان الشاشة…
لكن الشاشة تراقبك أيضًا.
كل شمعة – خضراء كانت أم حمراء –
لا تُخبرك بما سيحدث للسعر،
بل بما يحدث لقلبك.
السوق…
ساحةٌ يتجلّى فيها خوفك وطمعك، صبرك وعجلتك، حكمتك واندفاعك،
في دورة لا تهدأ… كأنها اختصار لحركة الحياة ذاتها.
عندما يصعد السوق فجأة…
تكتشف أنك لا تخاف ضياع المال،
بل تخاف ضياع
الفرصة
لأنك ما زلت تعيش بعقلية:
“أريد أن ألحق قبل أن يفوت الأوان.”
وعندما يهبط…
تكتشف أن أكبر عدوّ لك
ليس البائع الذي أسقط السعر
بل ذلك الصوت في داخلك
الذي يصرخ مذعورًا:
“إهرب… الآن!”
في صفقاتك تتجسّد صفاتك:
طمعُك يرفعك… ثم يرميك.
خوفُك يحميك… ثم يقيّدك.
عجَلُك يسبقك… ثم يعرقلك.
صبرُك يعمل بصمت… ثم يُدهشك.
السوق لا يقصد إهانتك…
لكنّه
يعريك من كل ادعاء:
إن زعمت الانضباط… اختبرك في لحظة ذعر،
وإن ادعيت الصبر… ابتلاك بصفقة تتأخر،
وإن ادعيت الفهم… واجهك بما لا تفهم.
عندها فقط تعرف:
أن مشكلتك لم تكن يومًا في “الشارت”…
بل في
الإنسان الذي ينظر إلى الشارت.
البورصة لا تجرحك…
هي فقط تنزع الضماد عن جرحك القديم
لتريك ما تجاهلته طويلًا:
قلقك… ضعفك… تعلّقك بالنتائج…
وغفلتك عن أن
الرزق بيد الله وحده.
وهنا تأتي أعظم فائدة في السوق:
أنه
يكشفك لنفسك
ليُعطيك فرصة
أن تعيد بناء نفسك من جديد.
لذلك…
عندما تخسر صفقة
لا تنظر إلى السهم
بل
انظر إلى المرآة.
واسأل نفسك بشجاعة:
هل انهارت استراتيجيتي؟
أم انهارت نفسي؟
السوق لا ينتظر من تبريراتك شيئًا،
لكن نفسك تنتظر منك الاعتراف… والتغيير.
البورصة – يا صديقي –
ليست أرقامًا تتراقص…
إنها رحلة في
أعماق الروح.
فإن خرجت منها بربحٍ مالي فقط…
فقد خسرت أغلى ما يمكن أن تربحه:
حكمةٌ تبقى، وثباتٌ ينمو،
وإنسانٌ جديد… يولد من بين الشموع.